اراء وحوارات

تأسيس “جيش شمال سوريا” والمواقف الدولية حيال ذلك.

رئيس حركة التجديد الكردستاني

جاءَ ذلك في حوارٍ أجراه «آدار برس» مع رئيس حركة التجديد الكردستاني في سوريا، الدكتور “ريزكار قاسم” حول “جيش شمال سوريا” الذي يتم تأسيسه، ومسألة دعم واشنطن لقوات سوريا الديمقراطيّة وكذلك للجيش المذكور وعلاقة ذلك بموضوع بقاء أميركا في سوريا، إلى جانب مواقف كل من روسيا وإيران وتركيا حيال ما سبق.

وفيما يلي نص الحوار:

بدأ القتال في المناطق الكردية ضد التنظيمات الإرهابية في شمال سوريا برقم محدود من المقاتلين، والآن يُؤسس جيش قوامه 100 الف مقاتل هو جيش شمال سوريا.. ألا يعتبر ذلك انتصاراً للإدارة الذاتية في شمال سوريا أم مجرد وهم قد يزول بتغير المصالح الدولية كما يقول البعض؟

نعم عند بداية الأحداث في سوريا عام ٢٠١١ لم تكن هناك قوة عسكرية كوردية، ولم يكن هناك أي استعدادات من قبل بعض الأحزاب الكوردية هناك لمواكبة التطورات والأحداث التي دخلتها روژآڤا وسوريا بشكلٍ عام رُغم اعتبار نفسها ذات ميراث(نضالي؟!)، غير أن القراءة الصحيحة لتلك الأحداث مِن قِبل بعض الأحزاب التي أدركت مدى خطورة الوضع بإسراعها للتأسيس لمجموعات مسلحة للدفاع عن الشعب والمناطق الكوردية معتمدةً على الإمكانيات الذاتية كان من شأنها أن تكون نواةً لتشكيل وحدات حماية الشعب الأكثر تنظيماً وكفاءةً والتي أخذت من إرادة الشعب مصدراً لقوتها، والتي خاضت مقاومة عنيفة على مختلف الجبهات وضد جهاتٍ متعددة والتي كُللت بالنصر، فكان لا بد من تأسيس إدارة ذاتية لإدارة شؤون المنطقة والتي اعتبرت نتيجة طبيعية ومكسب لشعبنا.

ودون شك سيرورة مواكبة الظروف والتطورات من قبل تلك الأحزاب التي اتخذت الخط الثالث كنهج سياسي لذلك فرضت بذل الجهود ومسؤوليات أكبر من كافة النواحي السياسية والعسكرية والاقتصادية، حيث تفرض المرحلة اليوم بالتأكيد التوجه نحو تشكيل جيش منظم لحماية مكتسبات شعبنا التي كُللت وتحققت بدماء الآلاف من شهدائنا الأبرار، فكما كان منذ البداية تحول القوة العسكرية إلى رقمٌ صعب في المعادلة السورية بتمثيلها لمصالح شعب روژآفا والشمال السوري، فدون شك جيش فيدرالية الشمال سيكون امتداداً لتمثيل تلك المصالح، لهذا فهي أضحت حقيقة وأثبتت هذه القوة بأنها الوحيدة على المستوى السوري التي واجهت إرهاب داعش وقوى أخرى إقليمية داعمة لها، ومهما تغيرت مصالح الدول وتحالفاتها، فلن يؤثر ذلك على تلك المكاسب وتلك القوة لأنها تستمد شرعيتها من إرادة الشعب.

أمريكا رغم تصريحاتها الأخيرة حول تخفيض الدعم العسكري لـ قوات سوريا الديمقراطية يبدو أنها تسير في تصعيد واضح في هذا الدعم، وذلك بدعمها لتأسيس هذا الجيش.. ما هدف أمريكا من كل ذلك، وهل لذلك علاقة بحماية قواعدها في شمال سوريا؟

بالنسبة لسؤالكم الثاني فهو يرتبط بالسؤال الأول أي مسألة التحالفات التي ترتكز على المصالح؛ فأمريكا مُقتنعة تماماً بأن مصالحها مع قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب وهي وحدها القادرة على حماية تلك المصالح ووحدها التي أثبتت للعالم جدارتها لحماية شعوب المنطقة، وهذا ما يفرض على قِوى التحالف الدولي بزعامة أمريكا الاتجاه بالمزيد من الدعم، وكما أسلفت الذكر المرحلة القادمة يفرض على الحلفاء التأسيس لجيش الفيدرالية بناءً على قواعد المصالح المشتركة.

إذ أن أي تراجع من التحالف الدولي في هذا الاتجاه من شأنه أن تفقد موطئ قدميها في سوريا، بل يتعدى ذلك في الشرق الأوسط حيث مصالحها ستكون في خطر، وهنا يجب ألا ننسى مسألة تقاسم النفوذ هناك بينها وبين الروس وغيرهم.

هناك من يقول إن أمريكا بدعمها لقوات سوريا الديمقراطية تريد الحفاظ على وجودها (الدائم) في شمال سوريا، ولا تريد أن تكرر تجربتها في العراق بعد أن وجدت رفضاً شعبياً هناك بعكس شمال سوريا.. ماذا تقولون في ذلك؟

دون شك أمريكا لها سياساتها البعيدة الأمدـ وتدخلها في المنطقة ليس إلا من أجل مصالحها التي تفرض عليها حلفاء جدد في المنطقة تتناسب ومشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يحتاج تنفيذه لعقودٍ من الزمن، وهذا ما يفرض عليها البقاء لفترةٍ طويلة في سوريا.

 الدعم الأمريكي لجيش شمال سوريا سيزيد من الشرخ الأمريكي – التركي.. حسب نظرتكم كيف ستعالج أمريكا هذا الموقف مع تركيا، إن وضعت موضوع مصالحها مع تركيا نصب أعينها؟

نعم منذ اليوم الأول عندما أقامت أمريكا العلاقات مع وحدات حماية الشعب و قوات سوريا الديمقراطية كان ذلك موضع قلق للأتراك ولم تُخْفِي أنقرة قلقها من تلك العلاقات بل تعدتها إلى الخوف الذي لم تتمكن أنقرة من إخفاءه عندما خيّر أردوغان مراراً الأمريكان بين العلاقات معه أو مع قوات قسد، فكان لأمريكا الجواب الصريح بالاستمرار في دعم الكورد وقوات قسد، غير أنه علينا ألا نتجاهل السياسات الأمريكية التي تعتمد إرضاء الكل؛ منها السرية ومنها العلنية، فمصالحها هي التي تعتمدها سياساتها، ولكن رُغم ذلك باعتقادي لم يعد الأمريكان يثقون بحليفهم التقليدي (تركيا) منذُ عدم سماح الأتراك للقوات الأمريكية بالدخول عبر أراضيها للعراق عام ٢٠٠٣ عندما أعلنت الحرب على صدام؛ أضف إلى ذلك مواقف كثيرة اتخذتها تركيا ضد السياسات الأمريكية؛ وعدا عن ذلك طموحات تركيا في المنطقة وسياساتها التي تتضارب مع ما ترسم لها أمريكا وحلفائها في الشرق الأوسط التي تعتمد تفكيك المنطقة وإعادة ترتيبها من جديد، في حين تركيا تسعى إلى العودة إلى مشروعها القديم وتحاول تجديده، فهي في حلم إعادة الإمبراطورية العثمانية وتدخلها في سياسات وشؤون كافة دول المنطقة، وبالتأكيد هذا لم يتحقق وأمريكا وحلفائها يدركون تماماً نوايا أردوغان وما يسعى إليه.

روسيا المتحالفة مع إيران وتركيا كيف سيكون موقفها من الدعم الأمريكي لهذا الجيش بغض النظر عن دعمها لقوات سوريا الديمقراطية؟

روسيا ما زال موقفها إيجابياً، وبرأيي هذا الحلف الثلاثي هش، فإذا نظرت إلى التاريخ ستجد مدى هشاشة هذا الحلف الذي لا يمكن له قط أن يكون استراتيجياً، فإيران وتركيا تاريخياً أعداء وصراعاتهم يشهد لها التاريخ وكذلك الروس والأتراك؛ ومن جهة ثانية إيران وروسيا صراعهما اليوم في سوريا هو قوي، ولكن لم يُعلن بعد ومصالحهما متناقضة، لذا أرى بأن الموقف الروسي لا يمكن له أن يكون معادياً كون مناطق روژآفاي كوردستان والشمال السوري ليس مناطق نفوذها المتفق عليها مع التحالف، ثم هناك نقطة مهمة وهي أن إيران وتركيا دخلتا مستنقعي العراق وسوريا، فتركيا بحجة أمنها القومي وإيران بحجة تصدير ما يسمى بثورتها الإسلامية (الشيعية) ولكن في حقيقة الأمر كلاهما يدركان استهدافهما في اطار مشروع الشرق الأوسط الجديد بخلق الثورة الداخلية لشعوب تلك الدولتين، فها هي الانتفاضات الشعبية العارمة بدأت في إيران، و تركيا ستواجه نفس الشيء، وهذا ما يقودنا إلى نتيجة وهي أن هذه الدول ستفشل وستنهار في المستقبل القريب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى