في خطوة أثارت موجة من الغضب والإدانة الدولية، أصدرت المحكمة الثورية في طهران، برئاسة القاضي إيمان أفشاري، حكمًا بالإعدام على الناشطة الكُردية والمدافعة عن حقوق المرأة، بخشان عزيزي.
تفاصيل القضية
اعتُقلت بخشان عزيزي في 4 أغسطس 2023 من قبل قوات المخابرات الإيرانية في بلدة حرازي بطهران. تم احتجازها في سجن إيفين الشهير، في الجناح 209 التابع لوزارة المخابرات، حيث تعرضت للتعذيب الشديد والممنهج لمدة تقارب الأربعة أشهر. خلال فترة احتجازها، حرمت بخشان من حقوقها الأساسية، بما في ذلك الحق في الحصول على محاكمة عادلة، وحقها في التمثيل القانوني والزيارات العائلية.
بدأت محاكمتها في 28 مايو و16 يونيو 2024، وانتهت في 23 يوليو بإصدار حكم الإعدام. التهم الموجهة إليها شملت “الانتماء إلى جماعات بدأت انتفاضة مسلحة ضد الحكومة الإسلامية” و”التمرد”، وهي تهم تستخدمها السلطات الإيرانية بانتظام لقمع الأصوات المعارضة، وخاصة من الكُرد.
خلفية بخشان عزيزي
ولدت بخشان عزيزي في مدينة مهاباد الكُردية وتخرجت في العمل الاجتماعي من جامعة “العلامة الطباطبائي”. بدأت نشاطها السياسي منذ فترة دراستها، حيث اعتقلت لأول مرة في 16 نوفمبر 2009 أثناء مظاهرة طلابية في جامعة طهران احتجاجًا على إعدام الطلاب الكُرد. بعد أربعة أشهر من الاعتقال، أطلق سراحها بكفالة مالية، ولكن هذا لم يمنعها من مواصلة نشاطها في مجال حقوق الإنسان.
في رسالتها من سجن إيفين، دعت بخشان إلى تصعيد النضال من أجل حقوق الإنسان في إيران، وأشارت إلى التعذيب الذي تعرضت له، مؤكدة أن هذه التجارب لم تثنها عن مواصلة الدفاع عن حقوق المرأة والمجتمع الكُردي.
معاناة الكُرد في إيران
قضية بخشان عزيزي ليست حالة فردية، بل هي جزء من نمط أوسع لحالة القمع الذي يتعرض له الكُرد في إيران. الكُرد، الذين يشكلون جزءًا كبيرًا من سكان إيران، يعانون من التمييز والاضطهاد المستمر من قبل الحكومة الإيرانية. تُمنع المناطق الكُردية من التنمية الاقتصادية، وتتعرض لهجمات عسكرية منتظمة، ويُعتقل النشطاء الكُرد بشكل منهجي.
على مر السنين، شهدت مناطق كُردستان الإيرانية العديد من الانتفاضات والثورات، التي قوبلت بالقمع العنيف من قبل السلطات. يتم قمع اللغة والثقافة الكُردية، ويُمنع الكُرد من ممارسة حقوقهم الثقافية والاجتماعية والسياسية.
تعتبر قضية بخشان عزيزي جزءًا من نمط متكرر في إيران، حيث يتم استخدام التهم الملفقة وأحكام الإعدام لقمع الكُرد والنشطاء السياسيين. على سبيل المثال، تم الحكم على الناشط الكُردي رامين حسين بناهي بالإعدام في 2018 بتهم مماثلة، وقد نُفذ فيه الحكم رغم المناشدات الدولية.
حالة أخرى هي حالة زينب جلاليان، الناشطة الكُردية التي حُكم عليها بالسجن مدى الحياة بتهم تتعلق بنشاطها السياسي. مثل بخشان، تعرضت زينب للتعذيب وسوء المعاملة أثناء احتجازها.
تضع قضية بخشان عزيزي إيران مجددًا تحت المجهر الدولي فيما يتعلق بحقوق الإنسان. منظمات حقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، دعت إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن بخشان، معتبرة أن محاكمتها تفتقر إلى الشفافية والمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
تعد قضية بخشان عزيزي تذكيرًا مؤلمًا بواقع القمع الذي يواجهه الكُرد في إيران. الحكم بالإعدام ليس فقط اعتداءً على حياة بخشان، بل هو أيضًا اعتداء على حقوق الإنسان وحرية التعبير. يتعين على المجتمع الدولي ممارسة ضغوط أكبر على الحكومة الإيرانية لضمان الإفراج عن بخشان وجميع النشطاء الكُرد المحتجزين بشكل غير عادل، ولوقف استخدام أحكام الإعدام كأداة للقمع السياسي.
إن معاناة الكُرد في إيران مستمرة، وقضية بخشان عزيزي ليست سوى فصل آخر من تاريخ طويل من الاضطهاد والظلم. هذه القضايا تستدعي التزامًا دوليًا بمواجهة هذه الانتهاكات والعمل على حماية حقوق الإنسان في إيران.
إعداد و تحرير : هڤال ديركي