آخر الأخبار
اراء وحوارات

طارق النقشبندي: الحوار بين السوريين تحقيق لدولة المواطنة الحقيقية

حوار/ محمد حمود

التطورات المتسارعة التي تشهدها الساحة السورية في أعقاب سقوط نظام البعث، وفرار الأسد، وبدء مرحلة جديدة في سوريا، تتطلب من الجميع المشاركة في وضع الحلول الممكنة لسوريا المستقبل، والسعي لتحقيق سوريا اللامركزية الديمقراطية، التي تحافظ على حقوق الجميع من دون إقصاء لأي سوري، وذلك، عن طريق الحوار بين السوريين أنفسهم، لإيجاد مخرج وإعادة الأمور إلى نصابها.

وحول ذلك، أجرت صحيفتنا، حواراً مع الحقوقي والمختص بالشأن السوري؛ طارق النقشبندي.

وهذا هو نص الحوار:

ـ كيف تنظرون إلى الإرث الذي خلفه النظام السابق في سوريا؟

خلَّف النظام السوري بعد سقوطه بلداً متهالكاً، فالاقتصاد منهار بشكل كلي، والمجتمع يعاني من اصطفاف مذهبي وعرقي وديني سيء جدا، لأنه حاول طوال سنين الأزمة التي دامت 14 عاما خلق شرخ مجتمعي أفقي وعمودي، ليستفيد منه في البقاء على سدة الحكم، على المبدأ الاستعماري القديم “فرق تسد”.

هذا الإرث الثقيل يحتاج إلى تعاضد كافة السوريين لتجاوزه وبناء بلدهم على أساس مدني ديمقراطي يحتضن الجميع، على أن يكون هناك دستور سوري جديد، يكفل للسوريين وأنهم متساوون في الحقوق والواجبات في قانون يحتضنهم ويكون مقياسا لمواطنتهم.

ـ إلى أي مدى يسهم الحوار السوري ـ  السوري في بناء سوريا المستقبل؟

لا شك أن الحوار هو ما تتطلبه المرحلة، نتحدث هنا عن حوار عقلاني بين كافة الشرائح المجتمعية، ومن الضروري بمكان أن يفضي هذا الحوار إلى مخرجات تساهم في التئام الجرح السوري، الذي لازال ينزف منذ أكثر من عقد من الزمن.

وكذلك، يجب الابتعاد عن لغة التسليح والتخوين؛ والوصول إلى طاولة مستديرة تستقطب كافة السوريين، للوصول بالبلاد إلى بر الأمان، بعيدا عن الأجندات التي تحاول من خلالها بعض الدول الإقليمية كتركيا تنفيذ مصالحها من خلال الأزمة السورية.

لغة العقل هي المطلوبة، والحوار هو الحل الأسلم الذي سيمكن السوريين جميعا من طرح مخاوفهم على طاولة الحوار، ليصار إلى مناقشتها والوصول إلى حلول ترضي الجميع؛ لبناء النظام الديمقراطي في البلاد.

ـ ما الدور الإيجابي الذي من الممكن أن تلعبه دول المنطقة في هذا الحوار؟

 لدول المنطقة – باستثناء تركيا – نوايا جيدة، وفق التصريحات التي أطلقتها مؤخراً، فما أكد عليه اجتماع العقبة الأخير هو ضرورة الانتقال السياسي السليم المبني على التشاركية بين كافة السوريين، للنهوض ببلدهم، بعد سنين طويلة من الحرب.

لكل من السعودية ومصر الدور الريادي في منطقة الشرق الأوسط، لذا فإن من واجبهما القيام بتقريب وجهات النظر بين السوريين، وعليهم ألا يتركوا الساحة لمطامع الآخرين، فأنقرة تحاول الاستفراد بسوريا، وفرض مجموعة من الإملاءات على السوريين، وقد بينت سياساتها خلال سنين الأزمة، نزعتها الاستعمارية التي يجب أن يتم مجابهتها من قبل السوريين، بالتعاون مع دول المنطقة، ولا سيما العربية منها.

ـ إلى أي مدى تعتبر تجربة “مسد” في إطلاق الحوارات نموذجا يمكن الارتكاز عليه؟

قام مجلس سوريا الديمقراطية خلال سنوات الأزمة، بإطلاق العديد من المبادرات بشأن الحوار بين السوريين، التي أفضت إلى تفاهمات مع أطراف سياسية سورية عديدة، ووضع ركائز بناء الدولة الجديدة، وهذه الحوارات تمثل اليوم أرضية صلبة للانطلاق منها نحو حوار سوري يضم كافة السوريين.

تجربة “مسد” في هذا الإطار غنية، لاسيما أنها كانت مرنة في التعاطي مع كافة السوريين، على قاعدة وطنية ثابتة منطلقة من مصلحة السوريين، بعيدا عن المشاريع الاستعمارية التي تنظر لها تركيا، وبعيدا كذلك عن الإقصاء الذي مارسه نظام البعث طوال عقود خلت.

ـ تعالت أصوات تتهم أبناء إقليم شمال وشرق سوريا بالانفصالية، كيف تردون على هذه الاتهامات؟

ردنا يتمثل ببساطة بأفعالنا، فطوال سنوات الأزمة ومنذ تشكيل الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، أكدت هذه التجربة إنها جزء من الدولة السورية، ولا تمتلك أي أجندات انفصالية كما يروج لها.

كلنا يعرف أن النظام والمعارضة، مرا بظروف ضعف شديدين خلال سنوات الأزمة، فلو كان لدى أبناء إقليم شمال وشرق سوريا، نزعات من هذا النوع لاستغلوا الظروف لإعلان كيان معين، إلا إن وطنية مشروع الادارة الذاتية والأسس التي بنيت عليها، تؤكد بأنها إدارة وطنية جامعة لكل السوريين.

نحن سوريون ولسنا انفصاليين، ولا زلنا متمسكين بسوريتنا التي نعتز بها، ونسعى لتكريس هذا المبدأ للوصول إلى سوريا الجديدة التي يطمح إليها الشعب السوري.

ـ كيف تقرؤون المستقبل في سوريا، وما المطلوب من السوريين اليوم؟

حتى اللحظة تبدو الأمور ضبابية، لاسيما مع توسع دائرة الانتهاكات التي تطال العديد من الطوائف في سوريا، ونتمنى أن تتوقف دائرة العنف ويتم فسح المجال أمام السوريين لبناء وطنهم، بعيدا عن الروح الثأرية والتحركات الانتقامية القائمة على العنف والعنف المضاد.

إننا نرى سوريا من خلال عيون المواطنين السوريين، الذين أرهقتهم سنوات الحرب الطوال، والسوريين يرغبون اليوم بوضع هذه المآسي خلف ظهورهم، والانتقال نحو مستقبل مشرق يحقق أحلامهم في سوريا المستقبل.

ونحن نحلم بسوريا الدولة المدنية الديمقراطية اللامركزية، التي تعامل الجميع على قدم المساواة، دون إنكار لحقوق أي أحد، وتمنحهم حقوق الاعتراف بذواتهم تحت سقف وطن يضم الجميع.
يرجى متابعتنا والإعجاب :
Pin Share

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

مشاركة