آخر الأخبار
اخباراراء وحواراتسوريا

مجلس سوريا الديمقراطية والمهام المنتظرة

بقلم: حسن محمد علي الرئيس المشترك لمكتب العلاقات العامة في مجلس سوريا الديمقراطية

بقلم: حسن محمد علي

المرحلة التي تمرّ بها سوريا مرحلة مصيرية وتاريخية، فهي مصيرية ستقرر مصير البلد وهي تاريخية لأن تاريخ سوريا الحديث سيُكتب بيد أبنائها، ولذلك فإن القوى الوطنية الديمقراطية وجميع السوريين والسوريات أفراداً وجماعات يتحملون مسؤوليات أخلاقية قبل أن تكون مسؤوليات سياسية، إذا ما نظرنا الى ما تعرّض له الشعب السوري والحالة التي وصل اليها من احتلال وتهجير وتشريد ونزوح واعتقال واختفاء وتغيير ديمغرافي ووضع معيشي مأساوي يندى له الجبين.

هذا الوضع يفرض على السوريين والسوريات الذين يفكرون بمستقبل البلد أن يضعوا سياسات ويرسموا استراتيجيات لكيفية إنقاذ هذا الشعب من الوضع التراجيدي وإيصال سفينته إلى برّ الأمان.

يُعتبر مجلس سوريا الديمقراطية أبرز القوى الوطنية الديمقراطية التي تنظر بجدّية لهذا الموضوع المعقّد والشائك والمليء بالتحديات والشبيه بالسير في حقلٍ من الألغام، ومن أجل الوصول إلى اتخاذ القرارات المرحلية كان لا بدّ من تقييم المرحلة من حيث التحولات والتغييرات والتطورات السياسية لتحديد المهام الموكلة إليه على جميع الأصعدة.

لذلك، عقد مجلس سوريا الديمقراطية مؤتمره الرابع تحت شعار، وحدة السوريين أساس الحل السياسي وضمانة لسوريا ديمقراطية تعددية لامركزية، وانتهى المؤتمر بإصدار قرارات ورسم استراتيجيات على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي، وحدد مهامه المنتظرة في المرحلة المقبلة، وبعد ذلك تم عقد اجتماع المكاتب العامة للمجلس، ووضعوا خطط سنوية لترجمة سياسات واستراتيجيات المجلس، وتوصّلوا إلى طرح رؤية للتعاطي مع الأطراف والقضايا السياسية، وحدّدوا أدوات ووسائل العمل لإنجاز المهام الموكلة وتحقيق تلك الأهداف.

التحالفات على المستوى الوطني السوري

إحدى المهام الأساسية المنتظرة أمام مجلس سوريا الديمقراطية هي وحدة السوريين، والتي تشكل أساساً موضوعياً للحل السياسي وضمان لسوريا ديمقراطية تعددية لامركزية، ويمكن ترجمتها بعدم حصرها في الجانب السياسي فقط، بل أنها تشمل جميع القطاعات ضمن استراتيجيات متنوعة قادرة إلى الوصول إلى تشكيل تحالفاتٍ على مختلف المستويات بين الشرائح المجتمعية والثقافية والدينية والسياسية والاقتصادية والشبابية والنسوية والحقوقية، وفي المجالات الخدمية والنقابية والمهنية و رجال الأعمال، والعمل مع القوى والشخصيات الديمقراطية للتحضير لعقد مؤتمر القوى والشخصيات الديمقراطية، وهو ما يتطلب تحديد القوى الوطنية الديمقراطية الأساسية التي يمكن أن تكون نواةً صلبة لهذا المؤتمر بالإضافة إلى الشخصيات الاعتبارية الديمقراطية الذين يمكن أن يلعبوا دوراً هاماً فيها.

ومن أجل تحقيق هذا الهدف، يتطلب في المرحلة المقبلة إلى جانب الشخصيات والقوى التي تم التواصل معها وحضروا الورشات في أوروبا وفي لقاءات ستوكهولم الأربعة، أن يتم إعادة النظر في كل هذه القوى والبدء بالحوارات معها من جديد، والوصول إلى توافقات مضافة إلى ما اتفقوا عليه سابقاً، علاوة على اتّباع سياسة مرنة ومنفتحة وفق مبدأ المساحات المشتركة والتقاطعات الموجودة من أجل الوصول إلى الهدف وترميم الشرخ الذي ادخله النظام والقوى الإقليمية والدولية بين السوريين، وحوّلوهم إلى فرقاء متصارعين وفق سياسة فرّق تسُد.

وهنا يتطلب العمل على التوافقات المبدئية دون الدخول في التفاصيل التي لا حاجة لذكرها في المرحلة الأولى، وعدم وضع العصي في العجلات، إذ تأتي التفاصيل في المراحل اللاحقة والتي تتطلب تشكيل لجان تخصصية، ويمكن أن تتبع الكثير من الأدوات للوصول إلى توافقات من خلال ورشات عمل تناقش المواضيع المختلفة بعيداً عن الأحكام والمواقف المسبقة، أي النظر إلى الأمور بواقعية وضمن الإمكانيات المتاحة.

أمّا في الداخل يتطلب النظر إلى وحدة السوريين وفق استراتيجية عمل تتناسب مع الظروف القائمة للقوى والشخصيات الموجودة، وبذل الجهود ضمن إطار العمل الوطني، وعقد حوارات وملتقيات في كافة المناطق والأقاليم والمحافظات السورية، حول القضايا المهمة كوحدة سوريا، واللامركزية، والهوية الوطنية الجامعة، وحيادية الدولة تجاه الدين والقومية والطبقة والجنس، ودولة المواطنة، وخروج جميع القوى المحتلة، مع التأكيد على أن الثروات السورية هي ملكٌ للسوريين وضرورة أن توزّع بشكل عادل، وإقرار وضمان الحقوق وفق الشرعية الدولية.

وبعد الانتهاء من ملتقيات مناطق الإدارة الذاتية يمكن الوصول إلى ملتقى على مستوى إقليم شمال وشرق سوريا، وصولاً إلى ملتقى عام على مستوى سوريا بعد الانتهاء من ملتقيات الأقاليم والمحافظات، ويمكن أن تُشكّل لجانٌ تحضيرية للتواصل مع جميع المختلفين من القوى والشخصيات وعدم ترك أحد خارج دائرة هذه الحوارات والملتقيات. ومن أجل تحقيق كل هذه المهام التي يُعد أساسها وحدة السوريين على الصعيد الداخلي والخارجي، يجب ألا يُترك أحدٌ خارج المعادلة وألا يُحرم من الحوار السياسي السوري – السوري.

ولتطبيق المهام المنتظرة لمجلس سوريا الديمقراطية وفق شعار المؤتمر الرابع، يتطلب اتباع الكثير من الأدوات والطرق والأساليب المبدعة لتحقيق وحدة السوريين وأن لا يحصر نفسه وفق بعض القوالب، والشيء المهم وا٦لاساسي، هو الوصول إلى مساحات مشتركة، وأن لا يتم حصر وحدة السوريين بالجانب السياسي ومع الأحزاب السياسية فقط، وأن ينطلق إلى المجتمع المدني ويتبع استراتيجية في هذا الصدد، فهنالك مساحاتٌ مشتركة بين منظمات المجتمع المدني والاتحادات الموجودة في مختلف المناطق السورية، بدءاً من المثقّفين والمحاميين والمهندسين والأطباء ورجال الأعمال إلى الاتحادات الشبابية والنسوية، أي أنّه إذا تمّ تشكيل تحالفاتٍ مع هذه الفئات إلى جانب العشائر والقبائل ضمن مجالات عملهم وفق شعار نحو مستقبل أفضل للسوريين يمكّن من خطوِ خطواتٍ واسعة ومُجدية في هذه المجالات، بالرغم من أن تحقيق هكذا هدف يمكن أن يلاقي صعوبات نتيجة تدخّل الكثير من العوامل المحلية والإقليمية والدولية ولكن تحقيقه ليس مستحيلا.

التحالفات على المستوى الاقليمي

المهمة المنتظرة الأخرى أمام مجلس سوريا الديمقراطية على الصعيد الإقليمي هي اتّباع الدبلوماسية المجتمعية وتشبيك العلاقة مع القوى الديمقراطية في المنطقة، والتي تحمل همّاً مشتركاً تجاه الاستبداد والهيمنة والتدخّلات الإقليمية والدولية، إذ يمكن تطوير تحالفات مدنية نسوية وشبابية وعلى مستوى المجتمع المدني بجميع شرائحه، فهناك العشرات بل المئات من التنظيمات الديمقراطية في مختلف المجالات، ويمكن إيجاد مساحات مشتركة معهم وفق خصوصيتهم حول مبادئ عامة تجمعهم في مجالات عملهم، وهذا يُعتبر بمثابة الردع الاستراتيجي على المستوى الإقليمي تجاه سياسة الحصار التي تفرضها تحالفات واتفاقات الكثير من الأنظمة تجاه القوى السياسية الوطنية والديمقراطية، وتجاه المجتمع المدني بجميع فئاته. ويمكن الاستفادة من الثورة المعرفية العلمية والتي سهّلت من التواصل والتشبيك وقرّبت المسافات، وهذا سيساعد على خلق حِراك إقليمي ديمقراطي، ويمكن أن يتّجه إلى بناء تحالفٍ للقوى الوطنية والديمقراطية على صعيد المنطقة، وتدخل هذه المهمة ضمن المهام الاستراتيجية لمجلس سوريا الديمقراطية.

التحالف على المستوى العالمي

نتيجة العولمة وتحوّل العالم إلى قرية كونية فقد أصبحت الكثير من القضايا مشتركة بين القوى والمجتمعات والشعوب في العالم، ويمكن لهم إيجاد مساحات مشتركة بالرغم من خصوصيات ظروفهم المعاشة حسب المنطقة الجغرافية التي يتواجدون فيها، فيمكن تشبيك العلاقة مع جميع هذه القوى وفق مبادئ تُبنى على مساحات مشتركة فيما بينهم، إذ إنّه في القرن العشرين تمت تحالفاتٌ كثيرة على المستوى الطبقي ونتيجة عولمة العالم وتقريب المسافات من خلال الثورة المعرفية التقنية وثورة الاتصالات، يمكن إعادة إقامة تحالفات أكثر صلابةٍ وتقدم.

الخلاصة

إن مجلس سوريا الديمقراطية في هذه المرحلة التاريخية أمام مهام كبيرة وتاريخية على المستوى المحلي والوطني والإقليمي، وهذه المهام تفرض نفسها من أجل التوجّه بشكل صحيح نحو حلّ القضايا العالقة في مرحلة الأزمة العالمية والفوضى الخلاقة، فهناك فرص كبيرة نتيجة انهيار الكثير من الأنظمة ومجالات كثيرة أمام بناء أنظمة جديدة، والتحرّك ضمن رؤية استراتيجية على عدّة مستويات ومراحل، من شأنها المساهمة في إنقاذ شعوبنا في سوريا والمنطقة والعالم من الاستبداد والظلم والإرهاب، للوصول إلى الحرية والمساواة والعدالة.

 

حسن محمد علي
الرئيس المشترك لمكتب العلاقات العامة في مجلس سوريا الديمقراطية

يرجى متابعتنا والإعجاب :
Pin Share

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

مشاركة