في تصعيد جديد يعبر عن فاشية النظام التركي اتجاه الكُرد، أصدرت محكمة تركية مجموعة من الأحكام القاسية بحق عدد من السياسيين الكُرد. جاءت هذه الأحكام على خلفية التظاهرات التي اندلعت في عام 2014، والتي دعا خلالها السياسيون الأكراد إلى إنقاذ مدينة كوباني من حصار تنظيم داعش الإرهابي.
الأحكام المعلنة
فيغن يوكسكداغ، الرئيسة المشتركة السابقة لحزب الشعوب الديمقراطية (HDP)، حُكم عليها بالسجن لمدة 27 سنة. أحمد تورك، رئيس بلدية ماردين المنتخب، صدر بحقه حكم بالسجن لمدة 10 سنوات. آلب ألتنورس، حُكم عليه بالسجن لمدة 18 سنة، بينما حُكم على آيلا آكات آتا بالسجن لمدة 9 سنوات و9 أشهر. آينور آشان تلقت حكماً بالسجن لمدة 9 سنوات، و علي أوركوت صدر بحقه حكم بالسجن لمدة 13 سنة و4 أشهر. عائشة ياغجي حُكم عليها بالسجن لمدة 9 سنوات، بينما حُكم على بولنت بارماكس بالسجن لمدة 23 سنة، وأخيراً ديلك ياغلي تلقت حكماً بالسجن لمدة 16 سنة. بالإضافة إلى ذلك، صدر الحكم على الزعيم الكردي صلاح الدين دميرتاش بالسجن لمدة 42 سنة.
كوباني: قلعة الصمود
تعتبر مدينة كوباني رمزاً للصمود والمقاومة ضد إرهاب داعش. في عام 2014، كانت المدينة محاصرة من قبل تنظيم الدولة الإسلامية، الذي سعى للسيطرة عليها بشكل كامل. صمدت وحدات حماية الشعب (YPG) و وحدات حماية المرأة (YPJ) ببسالة في وجه الهجمات الشرسة، وحازت مقاومة كوباني على تضامن ودعم عالمي كبير, و كانت بوابة دحر تنظيم داعش الإرهابي التي أدت إلى القضاء عليه في الخابور.
القضية والاتهامات
تم اتهام هؤلاء السياسيين بتحريك الشارع الكُردي والتركي والعالمي لدعم مقاومة كوباني في وجه إرهاب داعش، وفضح الدور التركي في تسليح ودعم هذا التنظيم الإرهابي. تظاهرات 2014 التي جاءت كرد فعل على تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي أعلن حينها أن كوباني سقطت. جاء هذا التصريح في سياق الحرب النفسية، مريداً بذلك زعزعة صفوف المقاومة في كوباني مما أثار استياء وغضب الكُرد ومؤيديهم.
اتهم هؤلاء السياسيون بأنهم قادوا تظاهرات واسعة في شمال كُردستان (جنوب شرق تركيا) وفي عموم تركيا، منددين بموقف الحكومة التركية ومطالبين بتدخل دولي لإنقاذ كوباني. إضافةً إلى ذلك، وجهت إليهم اتهامات بكشف تورط الحكومة التركية في دعم داعش، ما أحرج النظام التركي أمام المجتمع الدولي.
دور أردوغان في القمع
تعد هذه الأحكام جزءاً من حملة قمع واسعة ينتهجها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضد السياسيين الكُرد والمعارضين له. منذ بزوغ نجم الزعيم الكردي صلاح الدين دميرتاش، الذي تحدى أردوغان في الانتخابات الرئاسية مرتين، أصبحت سياسات أردوغان أكثر عدائية تجاه الكُرد. دميرتاش، بشخصيته الكاريزمية وخطابه المؤثر، استطاع أن يجذب قاعدة جماهيرية واسعة، مما جعله يشكل تهديداً كبيراً لنفوذ أردوغان وسلطته.
دميرتاش: رمز المقاومة الكُردية
صلاح الدين دميرتاش، المناضل الكُردي الكبير، المعروف بمواقفه الداعمة لحقوق شعبه وحقوق الإنسان بشكل عام، لم يتردد في انتقاد سياسات أردوغان بشكل مباشر، مما جعله هدفاً رئيسياً لحكومة أردوغان الفاشية. اعتقاله في 2016 وتوجيه التهم له ولزملائه في حزب الشعوب الديمقراطية (HDP) كان جزءاً من استراتيجية أوسع لتفكيك المعارضة الكُردية وإسكاتها. الأحكام الصارمة التي صدرت بحق دميرتاش وغيره من السياسيين الكُرد تعكس مدى التهديد الذي شعر به أردوغان من صعود دميرتاش ونجاحه في كسب تأييد شعبي واسع.
ردود الفعل
خلال جلسة المحكمة التي شهدت إعلان الأحكام، هزت هتافات محامي الدفاع وهم يحيّون مقاومة كوباني، مزعزعين أركان و كيان محكمة الفاشيست التركية، تعبيراً عن رفضهم للأحكام وللقمع الممنهج ضد الكُرد. شهدت قاعة المحكمة توتراً كبيراً، حيث عبر المحامون وأنصار السياسيين المحكومين عن استيائهم العميق من هذه الأحكام الظالمة التي اعتبروها تجسيداً لفاشية الحكومة التركية و التي تظهر الوجه الحقيقي للنظام التركي.
إعداد و تحرير : هفال ديركي