آخر الأخبار
اخباردوليةسوريا

الخزانة الأمريكية تستهدف تمويل فيلق القدس والحوثيين عبر عقوبات على شركة القاطرجي السورية

واشنطن، 14 نوفمبر 2024 – أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، عبر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)، عن فرض عقوبات جديدة على شبكة مكونة من 26 شركة وسفينة وفرد، تتبع لشركة القاطرجي السورية. تتهم الوزارة شركة القاطرجي بتسهيل عمليات بيع النفط الإيراني إلى سوريا والصين، مما يوفر موارد مالية كبيرة لقوات القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني (IRGC-QF) وجماعة الحوثيين في اليمن. وبهذه الخطوة، تسعى وزارة الخزانة الأمريكية إلى قطع طرق التمويل التي يستفيد منها الحرس الثوري وجماعاته الوكيلة التي تنفذ أنشطة تهدد الاستقرار الإقليمي.

شبكة القاطرجي ودورها في دعم الحرس الثوري

تعد شركة القاطرجي إحدى القنوات المالية الرئيسية التي يعتمد عليها الحرس الثوري الإيراني في تمويل عملياته الإقليمية. وكانت الشركة قد أُدرجت سابقاً ضمن العقوبات لدورها في تسهيل بيع الوقود بين النظام السوري وتنظيم داعش، لكنها أصبحت الآن محورية في تمويل قوات القدس. وتفيد التقارير بأن القاطرجي تصدر ملايين براميل النفط الإيراني إلى سوريا وشرق آسيا، بما فيها الصين، محققةً إيرادات تقدر بمئات الملايين من الدولارات سنوياً. تُستخدم هذه العوائد ليس فقط لدعم عمليات الحرس الثوري الإيراني، بل أيضاً لتمويل جماعة الحوثيين التي تحصل على مبالغ شهرية كبيرة من هذا المصدر.

القيادات المشمولة بالعقوبات ودورهم في الشبكة

يترأس حسين بن أحمد رشدي القاطرجي الشركة، حيث خلف والده محمد القاطرجي الذي توفي في منتصف عام 2024. وقد أدرج حسين القاطرجي وعدد من قيادات الشركة ضمن العقوبات لدورهم في الإشراف على عمليات تهريب النفط ولقاءاتهم المباشرة مع مسؤولين رفيعي المستوى من قوات القدس وأطراف داعمة أخرى، منهم مسؤولون ماليون من الحوثيين مثل سعيد الجمل، الذي سبق وتمت معاقبته لعلاقته بالحرس الثوري.

وتشمل العقوبات عدداً من السفن التي تديرها شركة القاطرجي أو تمتلكها بصورة مباشرة أو عبر شركاء إقليميين ودوليين. ومن بين السفن المعنية “بارون”، “رومينا”، و”لوتوس”، وهي سفن تستخدم لنقل النفط الإيراني إلى وجهات متعددة. وتشارك شركات مسجلة في عدة دول مثل الهند، بنما، ولبنان في إدارة وملكية هذه السفن. وتشمل العقوبات كل من شركة Salina Ship Management Pvt Ltd الهندية وBluespectrum Shipping S.A. البنمية، إذ تُعتبر هذه الشركات مسؤولة عن إدارة بعض السفن التابعة للقاطرجي، وتواجه عقوبات لدورها في تسهيل أنشطة الشركة.

أبعاد قانونية وتوجيهات الالتزام للعقوبات الجديدة

تنص العقوبات الجديدة على تجميد الأصول التابعة للأفراد والكيانات المدرجة ضمن الولايات المتحدة، ومنع أي تعاملات مالية تشملهم. وتلزم هذه الإجراءات الأشخاص والشركات الأمريكية، وكذلك فروعها الأجنبية، بالتبليغ عن الأصول والممتلكات التي قد تكون مرتبطة بالشبكة المدرجة. كما يُحظر على الأشخاص غير الأمريكيين التواطؤ في انتهاك العقوبات أو تسهيل عمليات للشركات والأفراد المدرجين.

وتؤكد وزارة الخزانة أن العقوبات تشمل أيضاً خطر العقوبات الثانوية على المؤسسات المالية الدولية التي تتعاون مع الجهات المدرجة على قائمة العقوبات، حيث يمكن لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) منعها من فتح حسابات مراسلة داخل الولايات المتحدة.

تصريحات وزارة الخزانة حول أهمية العقوبات

أوضح برادلي سميث، القائم بأعمال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، أن “إيران أصبحت تعتمد بشكل متزايد على شركاء تجاريين مثل شركة القاطرجي لدعم أنشطتها الإقليمية المزعزعة للاستقرار.” وأضاف أن وزارة الخزانة ستواصل اتخاذ كل الإجراءات الممكنة لقطع مسارات التمويل عن الحرس الثوري الإيراني وشبكة وكلائه.

سياسة أمريكية حازمة لكبح تمويل الجماعات المسلحة المدعومة من إيران

تسعى الولايات المتحدة إلى اتباع سياسة أكثر صرامة لمنع إيران من توسيع نفوذها الإقليمي عبر دعم الجماعات المسلحة، التي تعتبرها واشنطن خطراً مباشراً على استقرار منطقة الشرق الأوسط. وتعتمد هذه السياسة على استخدام عقوبات اقتصادية صارمة وعمليات مراقبة مالية واسعة، بهدف تعطيل قدرة إيران على تمويل وكلائها في المنطقة من خلال شبكات معقدة لتهريب النفط والأموال.

تعتبر العقوبات الاقتصادية وسيلة رئيسية في السياسة الأمريكية لردع إيران ومنعها من تمويل أنشطتها العسكرية عبر حلفائها، بما في ذلك جماعات مثل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وبعض الفصائل المسلحة في سوريا والعراق. وترى واشنطن أن استهداف شبكات التهريب المالي والنفطي هو خطوة حاسمة لحرمان إيران من الموارد التي تحتاجها لدعم هذه الجماعات.

ويُركز النهج الأمريكي على ممارسة ضغوط اقتصادية متعددة الأطراف تشمل فرض عقوبات ثانوية على المؤسسات المالية غير الأمريكية، التي قد تتعاون مع الشبكات الإيرانية المدرجة ضمن قائمة العقوبات. وقد لاقت هذه السياسة الدعم من بعض الحلفاء الأوروبيين والإقليميين الذين يدركون المخاطر الناجمة عن تمدد النفوذ الإيراني. وأدى التنسيق بين واشنطن وشركائها إلى تعزيز قدرة هذه العقوبات على عزل إيران اقتصادياً عن النظام المالي العالمي، مما يفاقم من صعوبات طهران في إيجاد منافذ لتمويل جماعاتها المسلحة.

أثر العقوبات على أنشطة إيران الإقليمية

تمثل العقوبات عائقاً كبيراً أمام إيران للاستمرار في تمويل أنشطتها الإقليمية. ويشير محللون إلى أن الضغوط الاقتصادية أثرت بالفعل على عمليات الدعم المالي والعسكري الذي تقدمه إيران لجماعات مثل الحوثيين في اليمن، حيث تعتمد هذه الجماعات على الإيرادات التي توفرها شبكات مثل القاطرجي لتأمين التمويل اللازم لشراء الأسلحة والذخائر. وفي العراق وسوريا، تواجه الفصائل المسلحة المدعومة من إيران تحديات مالية بسبب القيود الأمريكية.

الرسائل السياسية للعقوبات الأمريكية ضد إيران

لا تقتصر هذه السياسة الأمريكية على تقييد التمويل الإيراني فقط، بل تهدف أيضاً إلى إرسال رسائل سياسية إلى طهران وداعميها مفادها أن واشنطن مستعدة للذهاب بعيداً في محاصرة أنشطتهم غير القانونية. وترى الولايات المتحدة أن هذه العقوبات تحمل مؤشراً على التزامها بمنع إيران من زعزعة استقرار المنطقة، وأن استمرار طهران في هذه الأنشطة سيقابَل بتصعيد في العقوبات والضغوط الاقتصادية.

في نهاية المطاف، تهدف السياسة الأمريكية الصارمة تجاه تمويل الجماعات المسلحة المدعومة من إيران إلى تحقيق استقرار أكبر في منطقة الشرق الأوسط، حيث تأمل واشنطن أن تسهم هذه الإجراءات في تقليص النفوذ الإيراني. ويؤكد المسؤولون الأمريكيون أن نجاح هذه العقوبات يعتمد على الاستمرارية والمرونة في الاستجابة للمحاولات الإيرانية للالتفاف عليها، مما يجعل من هذه السياسة استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تحقيق أمن إقليمي أكثر استقراراً وتقليص مصادر التهديدات التي تواجه الحلفاء في المنطقة.

اعداد: هڤال ديركي

يرجى متابعتنا والإعجاب :
Pin Share

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

مشاركة