صباح الخير
حين يخطئ أحدهم، لا يعني ذلك أن نُغلق أبواب الفهم في وجهه، أو أن نرفع راية الحكم عليه. الخطأ جزء من الطبيعة البشرية، وزلة واحدة لا تختصر حياة إنسان، ولا تلغي نواياه، ولا تعكس عمق معاناته أو الظروف التي مر بها.
كم من مرة جعلنا من خطأ بسيط ذريعة لاتخاذ موقف دائم، فجرّدنا الشخص من فرصته في التبرير، أو الإصلاح، أو حتى الاستمرار بثقة؟ نحن لا نُخطئ فقط حين نقوم بفعل خاطئ، بل حين لا نحسن الإصغاء، ولا نمنح الآخرين المساحة لفهمهم ومساندتهم.
الخطأ ليس عيبًا يُشهَّر به، بل علامة على أننا بشر. والأخطر من الخطأ ذاته، هو استخدامه كأداة ضغط، أو وسيلة إقصاء، أو ذريعة للتقليل من الآخرين. الحياة لا تتوقف عند كل زلة، والعمل لا ينهار بسبب هفوة، والنجاح لا يُبنى على حطام الثقة.
إن جوهر الإنسانية يظهر في كيفية تعاملنا مع ضعف الآخرين، وفي مدى قدرتنا على احتضان لحظات سقوطهم لا استغلالها. فالمعرفة الناضجة لا تعني الحُكم على الناس، بل تعني إدراك أن لكل شخص روايته، وظروفه، وألمه.
الناجح الحقيقي ليس من يُدين، بل من يُصلح. ليس من يبحث عن العيوب ليُبرز نفسه، بل من يرى في الخطأ فرصة لتمكين الآخرين والنهوض معهم. كالنهر الذي لا يرفض أي رافد، بل يحتضنه ويمنحه معنى في المسير، علينا أن نكون مثل هذا النهر… نحتوي، نوجه، ونمضي معًا.
فليكن معيارنا في التعامل هو الرحمة، لا القسوة. البناء، لا الهدم. الدعم، لا الإقصاء. فمن أراد أن يكون إنسانًا بحق، فليكن عونًا لا خصمًا، ويدًا تُنهض لا لسانًا يُدين.حسن محمد علي.
نبذة عن الكاتب: الأستاذ حسن محمد علي الرئيس المشترك لمكتب العلاقات في مجلس سوريا الديمقراطية شخصية قيادية تتميز برؤية سياسية متزنة وفهم عميق لتحولات الواقع في سوريا والمنطقة. من موقعه في مجلس سوريا الديمقراطية، يعمل حسن محمد علي على بناء الجسور وتعزيز الحوار بين الأطراف المختلفة، واضعاً المصلحة العامة فوق كل اعتبار.