أعلنت السلطات الأمريكية عن اتهام المواطن السوري محمود الحفيان (أبو عبدو الحمصي) بتحويل ملايين الدولارات من المساعدات الإنسانية الأمريكية إلى جماعات إرهابية، وعلى رأسها جبهة النصرة ذراع تنظيم القاعدة في سوريا. القضية تسلط الضوء على تحديات إدارة المساعدات الإنسانية في مناطق النزاع، حيث تظهر لائحة الاتهامات عن كشف شبكة معقدة من التزوير والابتزاز لتحقيق أهداف خاصة ودعم للإرهاب.
تفاصيل القضية
وفقًا للوثائق المقدمة من مكتب المدعي العام الأمريكي لمنطقة كولومبيا، فإن الحفيان، البالغ من العمر 53 عامًا، استغل موقعه كرئيس لمنظمة غير حكومية تعمل في تقديم المساعدات الإنسانية لسوريا، حيث قام بتحويل أكثر من 9.3 مليون دولار من المساعدات إلى جماعات مسلحة بين عامي 2014 و2018.
جبهة النصرة، المستفيد الأساسي من الأموال المحولة، تعتبر جماعة إرهابية وفقًا لتصنيفات الولايات المتحدة، وكانت تستغل المساعدات لدعم عملياتها في سوريا وتنفيذ هجمات مسلحة.
كيف تمت عملية الاحتيال؟
كشفت التحقيقات التي أجراها مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) أن الحفيان اعتمد على سلسلة من الممارسات غير القانونية لتنفيذ مخططه، بما في ذلك:
1.تزوير السجلات:
•تم تضخيم أعداد المستفيدين على السجلات الرسمية، ما أدى إلى خلق فائض كبير من المساعدات.
•السجلات المزورة أظهرت أرقامًا وهمية لضمان عدم اكتشاف التلاعب عند مراجعة التقارير في المكاتب الإقليمية.
2.تحويل المساعدات:
•فائض المساعدات تم توزيعه على مقاتلي جبهة النصرة ومجموعات أخرى، بدلاً من توجيهه للعائلات السورية المحتاجة.
•بعض المساعدات بيعت في السوق السوداء لتحقيق مكاسب مالية.
3.الابتزاز والتهديد:
•أجبر الحفيان الموظفين على التبرع بجزء من رواتبهم لدعم الجماعات الإرهابية.
•هدد الموظفين الذين اعترضوا على التعليمات بإبلاغ الجماعات المسلحة عنهم.
4.تواطؤ داخلي:
•الحفيان عمل بالتنسيق مع شركاء مقربين، بمن فيهم أحد أقربائه الذي كان يشغل منصب المنسق اللوجستي، لتسهيل تنفيذ العمليات.
مركز عمليات الحفيان
تركزت عمليات الحفيان في غازي عنتاب بتركيا، وهي مركز للعديد من المنظمات الإنسانية التي تدعم السوريين. الوثائق تشير إلى أن التقارير المزورة كانت تُرسل من المكاتب داخل سوريا إلى المكتب الإقليمي للمنظمة في تركيا، حيث تم التلاعب بها لإخفاء الفساد. ومع ذلك، لا توجد اتهامات مباشرة للحكومة التركية أو أي جهات تركية بالتورط في هذه القضية، بل استخدمت تركيا كمنطقة لوجستية لهذه الأنشطة.
ردود فعل السلطات الأمريكية
وصف المدعي العام الأمريكي، ماثيو غريفز، القضية بأنها “جريمة مزدوجة”، حيث لم يتم فقط تحويل الأموال المخصصة لمساعدة المحتاجين، بل استُغلت لدعم الإرهاب. وأضاف: “بينما كان من المفترض أن تصل هذه المساعدات للعائلات السورية التي عانت بسبب الحرب، انتهت بدلاً من ذلك في أيدي منظمات إرهابية.”
من جانبه، صرح مكتب التحقيقات الفيدرالي أن التحقيقات في القضية استغرقت سنوات وشملت مراجعة واسعة للأدلة، بما في ذلك سجلات المستفيدين المزورة وتحليل الهواتف المحمولة للحفيان.
الأدلة الدامغة
•أدلة رقمية: كشف تحليل هاتف الحفيان عن تواصله مع قادة جبهة النصرة، بما في ذلك مسؤولين أمنيين، إضافة إلى قوائم توضح أعداد المساعدات المحولة.
•شهادات شهود عيان: قدم موظفون سابقون في المنظمة شهادات تفصيلية عن الضغوط التي مورست عليهم لتزوير السجلات.
•تحقيقات مستقلة: مراجعة من طرف ثالث أظهرت تلاعبًا واسع النطاق في سجلات المستفيدين.
العواقب والتداعيات
تعتبر هذه القضية واحدة من أكبر الفضائح المتعلقة بالمساعدات الإنسانية الممولة من الولايات المتحدة. إذا أُدين الحفيان، فقد يواجه عقوبات تصل إلى السجن لسنوات طويلة، كما ستُتخذ إجراءات لتعزيز الرقابة على عمليات توزيع المساعدات مستقبلاً.
تقرير: هڤال ديركي
المصدر: FoxNews