آخر الأخبار
اراء وحواراتسوريا

حسن محمد علي: الدمج في سوريا مشروع تأسيسي وطني لا يمكن اختزاله في انصهار شكلي

يرى الأستاذ حسن محمد علي، الرئيس المشترك لمكتب العلاقات في مجلس سوريا الديمقراطية، أن موضوع الدمج المؤسسي والسياسي الذي يُثار بكثرة في الساحة السورية اليوم يختلف جذريًا عن أي تجربة كلاسيكية أو مقارنة مع دول أخرى، نظرًا للظروف المعقدة التي تعيشها سوريا. فالبلاد، كما يؤكد، تمرّ بحالة فراغ دستوري وانتخابي، حيث لا يوجد دستور توافقي بين المكونات، ولا انتخابات حرة وشفافة تمنح الشرعية لأي سلطة قائمة، ولا تفويض شعبي صادر عن مؤتمر وطني جامع يضم جميع القوى السياسية والمجتمعية الديمقراطية. وبذلك، فإن مختلف القوى والإدارات والسلطات الفاعلة على الأرض تعمل بحكم الأمر الواقع.

وانطلاقًا من هذا الواقع، شدّد محمد علي على أن الدمج لا يمكن أن يُختزل في عملية إدارية شكلية أو انصهار قسري، بل يجب النظر إليه على أنه مشروع تأسيسي وطني يقوم على التشاركية الحقيقية والديمقراطية التدريجية، بعيدًا عن الإكراه ومنطق الغلبة. وذكّر بأن التجارب السابقة في سوريا أثبتت أن أي محاولة لفرض الوحدة باستخدام أدوات النظام القديم ـ من مركزية مفرطة، وإقصاء للمكونات، وتهميش للتعددية ـ لم تُنتج سوى المزيد من الصراعات والانقسامات وتآكل الثقة بين الدولة والمجتمع.

وأوضح أن الدمج الصحي المطلوب في الحالة السورية لا يعني الانصهار في دولة قائمة شكليًا، بل بناء شراكة وطنية جديدة. فصحيح أن هناك كيانًا يُسمّى “الدولة السورية” على المستوى الدولي ويحمل مقعدًا في الأمم المتحدة، غير أن غياب حكومة منتخبة شرعية تستمد قوتها من الشعب وتعبّر عن إرادته، يجعل الدمج في هذه المرحلة ضرورة قائمة على تفاعل المؤسسات وتكاملها بين مختلف الأطراف، على أساس مشروع مشترك لإعادة تأسيس الدولة السورية من جديد.

وأضاف محمد علي أن الدمج المطلوب لا بد أن يكون عقلانيًا، تدريجيًا ومرنًا، يأخذ بعين الاعتبار تعقيدات الواقع السوري وتنوعه العرقي والديني والسياسي. إنه دمج يرمي إلى صياغة سوريا جديدة: سوريا ديمقراطية، تعددية، لا مركزية، تُبنى بإرادة جميع قواها الوطنية والديمقراطية، وتستند إلى مساهمة فعلية من مكوناتها الإثنية والدينية والاجتماعية كافة.

واختتم بالقول إن الدمج في هذا الإطار فقط يمكن أن يتحول إلى جسر نحو مستقبل جامع، تُصان فيه الحقوق، وتتحقق فيه طموحات الجميع، وتتشكل فيه دولة جامعة حقيقية، لا دولة شكلية تعيد إنتاج الأزمات. وعندها فقط يمكن أن تكون سوريا وطنًا حقيقيًا لكل أبنائها، ومشروعًا مشتركًا قائمًا على التعددية والعدالة والمواطنة الكاملة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى