اراء وحوارات

أردوغان في بغداد …إبتزاز أم ملفات عالقة؟

بقلم : د.أحمد سينو

من اليقين أن منطقة الشرق الأوسط مقبلة على تغيرات اقليمية وربما دولية، فعودة رئيس وزراء العراق من الولايات المتحدة الأمريكية، واليوم زيارة الرئيس التركي إلى بغداد في 22نيسان، ومن ثم يقوم بزيارة مرتقبة إلى واشنطن في 9مايو /أيار . خاصة بعد الحرب الإسرائيلية في غزة وضرباتها المتوالية على سورية في دمشق والتي طالت السفارة الإيرانية ومقتل أفراد مهمين من فيلق القدس وتتالي الردود بين إسرائيل وإيران كان آخرها الضربات الإسرائيلية في أصفهان، في غمرة هذه الحمى تقوم تركية بشن عمليات عسكرية في جنوب كردستان في منطقة متينا تستهدف القوات الدفاع الشعبي الكريلا التابعة لحزب العمال الكردستاني التي تمثل الملف الأهم في زيارة أردوغان إلى بغداد بحجة مناقشته وملفات أخرى مثل ملف المياه والنفط وملف طريق التنمية وغيره .
مما يعني أن هناك إعداد لطبخة سياسية، يسعى الأطراف فيها إلى كسب موافقة أو ضوء أخضر أمريكي وسوف تلعب المصالح فيها وتتجاذب بمد وجزر حتى تكتمل بموافقات الجميع وربما تتعلق هذه التغيرات، بالهجمات التي تشنها تركية منذ أيام على جنوب كردستان وتستهدف القوى الشعبية والوطنية في منطقة متينا، قوات الكريلا التابعة لحزب العمال الكردستاني . وليس من المستبعد أن تكون بموافقة الحكومة العراقية وموافقة حكومة اقليم كردستان وحزبه الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يساند القوات التركية بهجماته على مواقع مقاتلي حزب العمال الكردستاني، وهذا ما تسعى إليه تركية بأن تجعل الحرب كردية –كردية في أطرافها بل سوف يسعى رجب طيب أردوغان جر الإتحاد الوطني الكردستاني الى هذه الحرب عن طريق ممارسة الحكومة العراقية الضغط على الاتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية لتكون أشمل وتكون ذات نتائج وخيمة على المنطقة والشعب الكردي. الغالب أن هذا الملف هو أهم الملفات التي جاء من أجلها رجب طيب أردوغان إلى بغداد، لأنه بهذا الملف الذي يسميه (( الملف الأمني)) يغطي به على خسارته في الإنتخابات البلدية التي اجريت في 31أيار وبه تراجع حزبه إلى الصف الثاني أمام الحزب الجمهوري ، وبه فاز الكرد بالكثير من البلديات خاصة في وان التي حاول حزب العدالة والتنمية التنصل وفرض ممثله ، لكنه تراجع أمام الإصرار الشعبي، كما أن أردوغان يغطي بهذه الزيارة على الوضع الداخلي التركي المتأزم من الناحية الأقتصادية وانهيار الليرة التركية أمام الدولار والتضخم الذي بلغ أكثر من 80% والغلاء الذي ضرب جميع السلع الغذائية والسكن، وأزمته بعد الزلال الذي ضرب تركية وعجزت حكومة العدالة والتنمية عن ايجاد الحلول. يريد رجب طيب أردوغان بهذه الزيارة أن يحقق نصراً ولو وهمياً أو اعلامياً، بأنه لايزال يمتلك الحلول لأزمات تركية المستفحلة، ولكن الغالب أنه يكرر نفسه في غاياته وأهدافه من زيارته المتتالية إلى الخليج والعراق كما يتسم بالمراوغة والابتزاز كما يفعل الآن مع الحكومة العراقية وحكومة اقليم كردستان، كما يرغب أردوغان بعملياته العسكرية الحالية أن يشرعن تدخله واحتلاله للأراضي العراقية وأراضي جنوب كردستان، فلديه أكثر من 80 قاعدة عسكرية تركية في باشور كردستان تصل بحدودها مدينة دهوك وشنكال، وبهذه العملية العسكرية يريد الحصول على تنازلات من الحكومة العراقية، مقابل منح العراق حصتها الشرعية من مياه دجلة والفرات وفق المواثيق الدولية لهيئة الأمم المتحدة، طبعاً هذه الزيارة لا تلقى الترحاب من الشعب العراقي ولا بقية المكونات في العراق وفي شمال وشرقي سوريا، لقد عمت المظاهرات في بغداد وعبر ناشطون فيها عن رفضهم لهذه الزيارة كما استمر التظاهر في السليمانية وشنكال وجميع مدن وبلدات شمال شرقي سورية والتي تشجب الزيارة وترفضها وتندد بالعمليات العسكرية التركية التي لا تتوقف إلا بعد تحقيق أطماعها وفق الإتفاق الملي وابتلاع شمال شرقي سورية وكركوك والموصل والسليمانية، لقد أبدى جميل بايك هذه التوقعات من اسبوع في مقابلة له. كما دعت أحزاب وكتل سياسية بلغت أكثر من 33حزباً في شمال شرقي سوريا إلى النفير العام في مواجهة العدوان التركي والنزول إلى الشارع وممارسة الضغط على الرأي العام العالمي حيث يتواجد أبناء الشعب الكردي والعراقي والسوري في كل مكان في أوروبا وأمريكا وكل مكان لوقف العدوان على شعبنا في جنوب كردستان وشمال وشرق سورية ومدنها وبلداتها، من أهداف تركية ورجب طيب أردوغان كما يزعم إنشاء حزام أمني على طول الحدود بين تركية والعراق، كما أصدر الحزب الشيوعي العراقي بياناً أعلن فيه وحدة العراق أرضاً وشعباً ودعى الحكومة التركية إلى الإنسحاب الكامل من الأراضي العراقية، كما دعى إلى سياسة التوازن وحسن الجوار وأكد على حصة العراق القانونية من مياه نهري دجلة والفرات الذي من دون ذلك يصيب العراق الجفاف والقحط، نتيجة لسياسة المياه في تركية التي ترغب بالنفط مقابل المياه كما رفض بيان الحزب الشيوعي العراقي أي تدخل تركي في شؤون العراق الداخلية .
وعدا عن ملف المياه وملف حزب العمال الكردستاني، هنالك ملف نفط اقليم كردستان الذي يصدر إلى تركية دون موافقة الحكومة العراقية الفيدرالية وهذه يتطلب الاتفاق ودفع تركية أكثر من 2 مليار دولار للحكومة العراقية، ويمكن أن يعاد ترتيب إيصال النفط العراقي إلى ميناء جيهان التركي بعد التفاهم عليه من جديد بعد الضرر الكبير الذي أصيب به سابقاً من هيمنة تنظيم داعش على بعض الخطوط لفترات سابقة .
ثم هناك ملف طريق التنمية الدولي الذي يصل إلى البصرة ومن إلى ميناء الفاو في جنوب العراق وهو طريق بري تعمل عليه تركية كما في خطوط للسكك الحديدية ، تربط الخليج والعراق وتركية بأوروبا في مجال نقل الطاقة والتجارة، مما يفتح آفاق جديدة .
قد ينجح الرئيس التركي في تحقيق وانجاز بعض الملفات التجارية والنفطية وملفات المياه لأن الغالب أنه لن ينجح في الملفات الأمنية ومحاولة التضييق على قوات الكريلا وحزب العمال الكردستاني، لأنها قضية حياة شعب يقاوم من منذ مئات السنين مع شعوب المنطقة في ميزوبوتاميا والشرق الأوسط .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى