30 يناير/كانون الثاني 2025 – قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير جديد إن طائرة مسيّرة تابعة لقوات مدعومة من تركيا شنت هجمات في شمال شرق سوريا في 18 يناير/كانون الثاني، استهدفت مظاهرة مدنية بالقرب من سد تشرين، ثم استهدفت بعد ذلك سيارة إسعاف كانت تقل جرحى من موقع الهجوم الأول. وأسفرت الهجمات عن استشهاد عدد من المدنيين، بينهم مسعفان، فيما وصفت المنظمة هذه الضربات بأنها “جرائم حرب واضحة” وانتهاك للقانون الإنساني الدولي.
استهداف مظاهرة مدنية قرب سد تشرين
أوضحت هيومن رايتس ووتش أن الضربة الأولى استهدفت متظاهرين مدنيين خرجوا احتجاجًا على التصعيد العسكري التركي في المنطقة. وأدى الهجوم إلى استشهاد ثلاثة مدنيين على الأقل، بينهم فتاة أُصيبت بجروح خطيرة. ووفقًا لشهادات جمعتها المنظمة، لم يكن هناك أي وجود عسكري في موقع التظاهرة، مما يجعل الاستهداف غير مبرر من الناحية القانونية ويعد جريمة حرب.
وأجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع مشاركَيْن في احتجاج 18 يناير/كانون الثاني وسائق سيارة الإسعاف، كما تحققت من فيديوهات للهجوم على الاحتجاج الذي وقع بين الساعة 1 و2 ظهرًا، وما تلا ذلك. وأكدت المنظمة أنها لم تتمكن من تحديد أي أهداف عسكرية أو أسلحة مرئية في المنطقة المجاورة مباشرة للاحتجاج، استنادًا إلى ثلاثة فيديوهات تحققت منها المنظمة وإفادات شهود العيان.
قال أرمانج محمد (37 عامًا) من القامشلي، أحد المشاركين في الاحتجاج، لـ هيومن رايتس ووتش:
“ذهبنا إلى سد تشرين سلميًا للوقوف في وجه العدوان التركي والفصائل التابعة له، ولحماية أرضنا، والمطالبة بإنهاء استهداف المياه والكهرباء والبنية التحتية. كنا نغني ونرقص على الأغاني الكردية بمشاركة النساء والأطفال وكبار السن. لم يكن هناك وجود عسكري أو وجود لقوات سوريا الديمقراطية في موقع الاحتجاج.”
وأشار التقرير إلى أن المتظاهرين كانوا على مسافة خمسة كيلومترات تقريبًا من خط التماس، وهو ما يعزز تأكيدات المنظمة بعدم وجود أهداف عسكرية في المنطقة المستهدفة.
ضربة ثانية تستهدف طواقم الإسعاف
بعد الضربة الأولى، هرعت سيارة إسعاف تابعة لـ”الهلال الأحمر الكردي” إلى الموقع لنقل الجرحى، بما في ذلك الفتاة المصابة، إلا أنها استُهدفت هي الأخرى بضربة بطائرة مسيّرة. وأكدت المنظمة أن الاستهداف أدى إلى احتراق السيارة بالكامل واستشهاد أربعة أشخاص كانوا بداخلها، بينهم مسعفان.
وأشارت المنظمة إلى أنها حلّلت صور الأقمار الصناعية والأدلة البصرية من موقع الحادث، بالإضافة إلى شهادات الشهود، وتوصلت إلى أن سيارة الإسعاف كانت تحمل شارات طبية واضحة، وهو ما يجعل استهدافها جريمة حرب بموجب القانون الإنساني الدولي.
ردود الفعل والمطالبات الدولية
ودعت هيومن رايتس ووتش السلطات التركية إلى “إجراء تحقيق شفاف وفعال” في الحادثتين، ومحاسبة المسؤولين عنهما. كما شددت على ضرورة احترام جميع أطراف النزاع في سوريا للقانون الإنساني الدولي، لا سيما فيما يتعلق بحماية المدنيين والعاملين في المجال الطبي.
وقال آدم كوغل، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة:
“استهداف المتظاهرين المدنيين، ثم استهداف الطواقم الطبية التي حاولت إنقاذ الجرحى، يظهر تجاهلًا صارخًا لقوانين الدولية. يجب محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم لضمان عدم تكرارها.”
تصاعد الهجمات بالطائرات المسيّرة
أشار التقرير إلى أن الهجمات بالطائرات المسيّرة التركية في شمال سوريا تصاعدت بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة، مستهدفةً بنى تحتية مدنية وأفرادًا مرتبطين بالقطاع الصحي. كما أكد أن هذه الحوادث ليست معزولة، بل تأتي في سياق نمط متكرر من الهجمات التي طالت أيضًا منشآت خدمية، مثل سد تشرين، الذي يُعد منشأة حيوية لتوليد الكهرباء وتخزين المياه في المنطقة.
دعوات لوقف الانتهاكات
في ختام تقريرها، شددت هيومن رايتس ووتش على ضرورة التزام جميع أطراف النزاع بالقانون الدولي، ووقف استهداف الأهداف المدنية والطواقم الطبية. كما دعت المجتمع الدولي إلى ممارسة ضغوط على تركيا لضمان احترامها للقانون الإنساني، مؤكدةً أن عدم محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات يعزز مناخ الإفلات من العقاب في النزاع السوري المستمر.