
انطلاق مؤتمر “المسار الديمقراطي السوري” في بروكسل: خطوة جديدة نحو مستقبل ديمقراطي لسوريا
انطلقت يوم الجمعة في العاصمة البلجيكية بروكسل فعاليات مؤتمر المسار الديمقراطي السوري، الذي يسعى إلى توحيد الجهود السياسية والمدنية في سبيل تحقيق مستقبل أفضل لسوريا في ظل الظروف الراهنة. يُعقد المؤتمر على مدار يومي 25 و26 أكتوبر الجاري، بتنظيم مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) وبمشاركة قوى سياسية ومدنية تضم حوالي خمسين منظمة ومائة شخصية مستقلة من داخل سوريا والمهجر.
أهداف المؤتمر وتوجهاته
يأتي المؤتمر في وقت حرج من تاريخ سوريا، حيث يهدف إلى تعزيز الجهود للوصول إلى حل سياسي شامل وفق قرار مجلس الأمن رقم 2254، الذي يركز على ضرورة وقف إطلاق النار الشامل وإجراء عملية انتقال سياسي ديمقراطي. ويطمح المؤتمر إلى تحقيق بناء سوريا حرة علمانية ديمقراطية لا مركزية، تعبر عن تطلعات مختلف مكونات الشعب السوري.
وبحسب لجنة الإعداد والمتابعة للمؤتمر، فإن أحد الأهداف الرئيسية هو تطوير الجهود التي بذلتها مؤسسات المعارضة حتى الآن والتكامل معها، لإيجاد طريق سياسي جديد يتجاوز العقبات الحالية. ويأتي هذا المسعى بالتزامن مع التحولات الإقليمية التي تتطلب موقفًا موحدًا وشاملًا من القوى الديمقراطية السورية.
جهود مجلس سوريا الديمقراطية في تنظيم المؤتمر
مؤتمر المسار الديمقراطي السوري يُعد تتويجًا لسلسلة اللقاءات والمناقشات التي بدأت ضمن مسار ستوكهولم، والذي هدف منذ البداية إلى جمع القوى والشخصيات الديمقراطية السورية في إطار واحد. وضمن هذا السياق، لعب مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) دورًا محوريًا في تنظيم هذه اللقاءات، وبلورة رؤية سياسية تسعى إلى تحقيق حل ديمقراطي شامل، يعبر عن إرادة الشعب السوري بكل أطيافه.
خلال مسار ستوكهولم، عمل مسد على عقد ورش عمل وملتقيات سياسية ناقشت قضايا جوهرية، مثل بناء الدولة العلمانية الديمقراطية، وتحقيق اللامركزية، وضمان حقوق الإنسان. وجاء المؤتمر في بروكسل كخطوة مكملة لهذه الجهود، لتوحيد الصفوف وتقديم بديل سياسي جامع يعزز من فرص الحوار السوري-السوري بشكل مباشر.
وفي حوار مع د. رزگار قاسم، ممثل مجلس سوريا الديمقراطية في ألمانيا، أكد على أهمية المؤتمر كمنصة لتوحيد الرؤى والجهود. أشار د. قاسم إلى أن المؤتمر يهدف إلى “تقديم بديل سياسي يعبر عن تطلعات الشعب السوري، بعيدًا عن الأجندات الخارجية والتدخلات الإقليمية”. وأضاف أن المجلس يسعى إلى “تحقيق حل ديمقراطي شامل يلبي تطلعات الشعب السوري ويضمن حقوق جميع مكوناته”.
المشاركة الواسعة والتفاعل مع الداخل والخارج
ما يميز مؤتمر “المسار الديمقراطي السوري” هو المشاركة الواسعة من مختلف القوى والشخصيات، سواء من الداخل السوري أو من المهجر. تشمل هذه المشاركة قوى سياسية ومدنية مستقلة، إضافة إلى منظمات مجتمع مدني تعمل في الداخل وتتبنى رؤية سياسية مشتركة. هذا التنوع يعكس الرغبة في بناء تحالف سياسي واسع يشمل مختلف الأطياف، ويعمل على تقديم رؤية ديمقراطية شاملة لمستقبل البلاد.
كما أن المؤتمر يسعى إلى الاستفادة من تجارب المعارضة السورية السابقة، وتحقيق التكامل مع مؤسساتها، لتجاوز حالة الفوضى والانقسام التي عطّلت جهود الحل السياسي في السنوات الماضية.
تحديات المؤتمر وآفاقه المستقبلية
يأتي هذا المؤتمر في ظل تحديات معقدة، أبرزها استمرار التدخلات الإقليمية، خاصة من قبل تركيا وإيران، إلى جانب تعقيدات المشهد السياسي الداخلي. تسعى الأطراف المنظمة للمؤتمر إلى مواجهة هذه التحديات من خلال تعزيز الحوار السوري-السوري، والتركيز على الحلول السياسية التي تضمن سيادة البلاد ووحدتها الترابية.
كما يواجه المؤتمر تحديات تتعلق بتوحيد رؤى المعارضة الديمقراطية، وتقديم برنامج سياسي جامع يتخطى الانقسامات الأيديولوجية والسياسية. وعلى الرغم من ذلك، فإن التفاعل الكبير والمشاركة الواسعة تعكس إرادة سياسية جادة لتحقيق الاستقرار السياسي في سوريا.
رؤى جديدة نحو مستقبل ديمقراطي
يُعتبر مؤتمر “المسار الديمقراطي السوري” فرصة جديدة للقوى الديمقراطية في سوريا لإعادة صياغة مشروع سياسي وطني، بعيدًا عن الاستقطابات والتدخلات الخارجية. ومن المتوقع أن يتم خلال المؤتمر طرح عدد من الوثائق والمقترحات التي تعكس رؤية الأطراف المشاركة لحل النزاع، وتقديم إطار سياسي يدعم اللامركزية والتعددية كأحد الأسس الحاكمة لبناء سوريا الجديدة.
يأمل المشاركون أن يكون هذا المؤتمر خطوة جديدة نحو تحقيق تحول سياسي سلمي، قائم على احترام حقوق الإنسان، وتمثيل جميع الأطياف بشكل عادل. وبالنظر إلى التغيرات السياسية الإقليمية، يسعى المؤتمر إلى أن يكون بمثابة بداية لمسار سياسي جديد، يضع مصلحة سوريا فوق كل اعتبار.
تقرير: هڤال ديركي